BLOGGER TEMPLATES - TWITTER BACKGROUNDS »

Saturday 2 August 2014

عبر الجدار الأول ..






حين اعتلت التل كانت تعلم أن من هم بالأسفل لن يروها , حتي حين اطلت عليهم .. لم و لن يروها ..
 

بينما جلست هي مراقبه , إحتشد البشر بالأسفل , بعضهم ركض , تقاتل , صاح .. منهم من سقط قبل أن يفهم لِم و كيف سقط و منهم من ظل يحاول الفوز في معركه - حتي هو - لا يعلم متي بدأت , إبتلعت الرمال الدم فعجز القادمين عن رؤيه الموتي قبلهم ..



البعض الآخر مضي في صمت علي حافة الشاطئ , لتفادي الأمواج و القتال عصبوا اعينهم , لم يروا مصدر الأصوات التي سمعوها فظنوها وسوسة لا اكثر , نمت لديهم القناعه بأن للنهاية طريق واحد و هم به سائرين , من سقط منهم إبتلعه البحر لذا لم يتعثر أحدهم بجسد سبقه ...



بالماء أبحر قلائل طالبين الرزق , رموا شباكهم فأطاع البحر و إنبثقت من جوفه الخيرات , حملوها إلي القارب لكنهم لم يستمروا في الإبحار بل عادوا إلي الشاطئ , منهم من حمل رزقه وغطي عينيه لينضم إلي السائرين و منهم من حاول توزيع ما ناله علي المتقاتلين , توقف البعض عن القتال مستقبلاً العطيه بينما رفض آخرين , دفعوا حامل المعونه إلي الإنهيار فتقاتل بينهم و سقط الرزق ليُدفن بين الدم و الأقدام ..



من حين إلي آخر يهرب مقاتلين إلي صفوف العُمي بعد أن نالهم اليأس , و مِن العمي مَن ينزع العصابه ليقاتل أو ليهرب إلي البحر فيبحث عن الطعام أو يظل هارباً إلي أن يغرق ..


مضي الزمن و انطفأ وهج البحر , إسودت الرمال و لازال القوم كما هم , صرخت أرواحهم راغبة في الخلاص لكن الأقنعة التي وضعوها منذ الأزل إنصهرت داخل أجسادهم و خارجها محتجزه الروح ,إعتادوا رائحه الدم و الملح , و إعتادوا رؤيه الجسد أو الظلام , إبتلع الماء من ابتلع و دفنت الرمال ما دفنت لكن الأقنعه وُجِدت و بقت ..



بلحظة ما توقف الزمن و تسمر القوم إثر شذا جلبته إليهم الرياح من أعلي التل , الكل أغمض عينيه و تنفس عبق حمل ضياء الملائكه , ظلال الشياطين , و نسيم آخر خارج حدود التعريف , اهو عطر للذكريات ؟ , أم الحب ؟ , ربما هو عطر الشتاء أو دفء السكينة , لم يكن للعطر تسمية لكنه حمل لكل شخص ما جعل روحه تبتسم و مِن خلف القناع إبتسم جسده ايضاً ..


لوهله توحد الجميع في صمت حضره الشذا , تشبعت به ارواحهم لكنهم لم يبحثوا عن مصدره , لم يرفع أحد عينه إلي أعلي التل ليري من أين يأتي العطر , أغمضوا أعينهم مكتفين بما هو موجود دون البحث عن المسبب , إستهلكوه فنفذ فعادوا للقِتال ..


ظلت هي بالأعلي تنظر و تنتظر , كانت تعلم أن القتال مستمر إلي أن يفني من هم بالأسفل , أشفقت عليهم من حرية لا يروها , من نكران عالم آخر رفضوا الإعتراف بوجوده لأن التكذيب أسهل من التفكير , لم تكن الأقوي , أو الأعلي , و بالتأكيد لم تكن الاجمل , لم تكن ملاكاً أو شيطان لكنها رفضت القتال , رفضت طريق العُمي و رفضت البحر , وُلدت ناظره إلي أعلي , بحثت عن الطريق إلي التل و له اخلصت ..


 حلقت و احترق جناحيها لكنها وصلت إلي حيث يبدأ و ينتهي كل ما لا وجود له , رأتها الشياطين فأغوتها , و رأتها الملائكه فأحنت عليها , رأها البشر فأنكروها , و رأتها الأطياف فحاربتها .. لكنها إلي أيهم لم تنتمي و لم تبحث عن الإنتماء ..


كانت تنتمي إلي الطبيعة , إلي التراب العابث أسفل قدميها حيث يولد كل حي و يموت , إلي الأشجار خلفها حيث الأسرار و الصمت , إلي النسيم العابر من بين أصابعها حامل معه الحرية , إلي السحب حيث الصبر إلي نبع الماء حامل غموض الكون و شفافيته , و إلي السماء حيث المعابر إلي عوالم ما خلف الرؤيه ..


إنتمت إلي رائحة الفجر المنعشة و خيوط القمر البارده , إلي دفء نسيم الفاكهه و ألوان الزهور الصادقة ,  إلي سمو أعين الذئاب و خطايا روح الصقور ,إلي موسيقي الجنون و أغاني العقل , كانت تنتمي إلي كون خُلقت به , لا يشبهها و لا تشبهه , لا تحمل صفاته ولا يُطالبها بحملها لكنها احبت كينونته ..  


لم تحاول السقوط إلي الأسفل حيث الآخرين أو التحليق إلي الملكوت , فقط إتخذت من التل مسكناً كي تكتب علي صفحات الرياح كلمات , كتبت عن روحها و روحهم , عالمها و عالمهم , عن الحرية و القيد , عن الجنه و الجحيم وعن شجرة النفس الخطيه .. 


دونت ما هو خلف الجدار بلغة من هم بالجهه الأخري منه , ثم نثرت تدوينها فإستنشق الآخرين شذاه و سعدوا , احبوه و احترموه و إهتموا .. لكنهم ظلوا عاجزين عن قراءه الكلمات ..

لم تتوقف عن الكتابة لأن جل ما استطاع النفاذ إلي أسفل التل هو الحروف , و لأنها كانت تعلم أن يوم ما سيرفع أحدهم عينيه فيراها و يري التل , سيبتسم لها لا للشذا .. 


يوم ما سيقرأ احدهم الكلمات ..

0 comments: