BLOGGER TEMPLATES - TWITTER BACKGROUNDS »

Wednesday 1 October 2014

زيارة عائده

نصف هذه الكلمات التي تتردد لا افهمها , ترانيم تبدو غريبه لكنها مألوفه .
ما عدت اتساءل عن مكان هذه الأطياف التي تنشد , يكفي أنها تجول هنا و حسب . لم اكن وحدي حين زرت هذا المكان للمره الأولي , لكنني عدت الآن لا يرافقني سوي ظلي , رافقني منذ وُلدت و ما هو بمغادرني الآن .

احجار البناء تعرف برد اناملي , مازالت تختزن رائحه روحي رغم انني لم ارها سوي مره واحده فقط , الشقوق الصغيره السوداء بالجدران تهمس " ألن تبتسمي الآن ؟ " , ليس بعد , هي تعرف اجابتي المعتاده لذا تصمت و تنتظر .

المحيط سابح هنا , الذرات المالحه الذائبه بين الأمواج , رائحه الصخور المتفتته بالأسفل و السحب الغارقه خلف افق الماء , البرد العذب فوق السفح و العشب الأخضر المبتل أسفل الجبل , اللون الأخضر الذي انسل من بين الأعشاب ليتوج رمادي الصخر ..

لا شاطئ هنا , لا مرسي للسفن و لا منفذ للبشر , لا ارواح تحمل أو تُحمل , خلف السفح المنبسط ينتصب جبل لا رمادي هو ولا اسود , بين صخوره نبت جدول تدفق خريره بين قليل من الأغصان المتناثره هنا و هناك ..

لا النباتات حيه ولا الصخر ميت لكنه مازال يحتضنها دون أمل في الإحياء , الجبل يعرف الخلود و شذا الغصون هذه خالد , يعرف أنها باقيه بقاء الدهر حتي و إن ذبلت لذا لَم يتركها تفلت أو تقتات عليها الطيور , بالأعلي إرتفعت جدران ثلاث , بينما أسقط الزمن الرابع , لكن احجاره بقت متناثره تحمل ذات رائحه البهو الفارغ .

مازالت النوافذ الملونه قائمه , بهت لونها لكن ضوء القمر مازال قادر علي النفاذ عبر نقوش الملائكه ليغفو الضوء الفضي المشبع فوق تراب الأرض ..
 
ثلاث مقاعد خشبيه متآكله هي ما تبقي بالقاعه , تمثال لملاك باكي تكاثرت حوله خيوط العنكبوت الحريريه , و مذبح رغم مرور الزمن لاتزال الشموع اعلاه .. مشتعله .


ارواح عديده زارت هذا المكان قبل أن تبدأ رواحي الزمن , فنت الأجساد لكن الأرواح مازالت هنا , هذا الحجر يحمل ضحكه صافيه و امان , الآخر هناك يحمل رائحه الفقدان , الحجر الرابع علي يسار الجدار الثاني إختزن دموع , و الصغير جواره شهد قبله و موت .

التراتيل لن تتوقف فالوقت مُحرم هنا , لذا سأبقي بين الجدران لزمن آخر , تاركه الواقع للواقع خلف الأفق , لا الموتي مرافقين اياي و لا إلي الأحياء أنتمي .. دائرتي تدور حيث لا وجود للدوائر ..

اللهب , الدخان , المحيط , الأحجار , الأطياف , القمر , الجدول بين الصخور , العشب الأخضر و الغصن الأسود .. ثم المطر .
يعود الحجر ليتساءل " ألن تبتسمي الآن ؟ " .

سأبتسم , و بصمت ساكن سأبدأ الحديث ..

Tuesday 30 September 2014

Moonlight sonata

 
لم يأتِ الشتاء بعد , أمطرت قليلاً لكن الشتاء لم يأتِ .
مازلت انتظره , مازلت أنتظر الأمطار و البرد و سحب سابحه بعيداً تراقب المختبئين .
لَم أولد بالشتاء لكنني احيا به , ربما لأنه الفصل الوحيد القادر علي قراءتي .. لا ادري .
مازلت عاجزه عن فهم خوف البشر من الإبتلال أسفل المطر , لِم يركض الجميع و بِم يحتمون ؟ .
لا اخشي المطر و لا ابغضه , في الواقع أنا اعشق المطر, لكن وعلي الرغم من عشقي هذا لم ارغب يوم ما في الإحتفاظ به , دعوت أن يدوم الفصل إلي ما لا نهايه لكنني لم أحاول يوماً إبقاؤه أسير لدي .
يحمل المطر رائحه الحرية , يطفو و يهطل حيث يختار , ثم يسبح بعيداً ليري الحياه من الاعلي 
أأخبرك سر ؟ , لكل قطره مطر رائحه و همسات مختلفه , قطرات المطر تختار مَن يتلقاها .
قد ينتهي الشتاء لكن الأمطار تبقي , تُخلد بكل همسه سمعتها روحك و بكل عطر إستنشقته , حين يذهب الشتاء لا يمضي فعلاً , هو باقٍ للأبد داخلك, أو داخلي .
تأخر كثيراً هذا العام , لكنه إقترب الآن , البرد الذي بدأ يغزو اناملي يعني إقترابه , قريباً سيكون حاضراً و ساحكي , سأقص قصه عجز الجميع عن سماعها ..
سأخبره حكايا لا تدونها الكلمات , سأريه بصمات دفعتني للإبتسام في وقت ما , ثم سأبكي و سيستمع إلي .
سيعلم كم اصبحت بعيده عن كل شئ , عن البشر و الحياه و الأرواح الأخري , ثبت خيوطي بسماء , أرض , بحار و عواصف , لم اعد انتمي لا إلي الموتي أو إلي الأحياء , لم أعد منهم , انا في طريقي للإكتمال كطيف .
ثم سأطلب منه السماح لي بالذهاب معه هذه المره , أعرف أنه سيؤجل و سيخبرني أنني باقيه لسبب ما .
لكنه سيقطع وعداً , ووعد الشتاء لا يحمل الأكاذيب .
وُلدت قبل بداية الربيع , كان الشتاء قد بدأ بلملمة حاجياته استعداداً للرحيل , لكن ليلة ميلادي كانت عاصفه , و كأنه عاد مُرحباً , عاد ليخبرني أنني سأظل إبنه الشتاء حتي يأتي اليقين .
انا هنا .. للأبد .
سأنتظر شتاء آت و أحتفظ بشذاه حين يرحل حتي يعود .
وُلدت بالشتاء , و حين أموت سأموت بالشتاء .
و بين ميلاد و ممات .. سأظل أنتظر هطول المطر .

حافه العالم




كم من حكاية تحكي لا يراها الضوء , و كم من روح خُلقت فقط لترحل ..
يُقال أن الموت حتمي لكن القائل لَم يحدد أي موت هو الحتمي , هناك موت يحمل خطيئه الميلاد , آخر يحمل عنوان الخلود ...

فوق الحافه ستري العالم و ستشعر بالبرد الساري بعروقه , الأنوار الساطعه بالأسفل تحكي عناوين كثيره , أكثرها تعلمه و القليل سيعلمه اياك المستقبل ..
لكن فوق الحافه فقط ستستمع إلي اللحن .. ربما ستبكي , بل من المؤكد ستبكي , لكن الإبتسامة لن تفارق ثغرك .
أتحدث السماء ؟ , أم تحدث روحك الهائمه .. أسرار هي ما تحكيها أم مجرد قصه ؟ .. لا يهم , فقط دع التراتيل القادمه من البعيد تحمل ذكراك و ترحل .
.
انشودتك تبدأ حين ينهمر المطر , و حين يتوقف لن يبقي سوي طيف لشذي إعتلي هذه الحافه يوماً ثم ذهب .
ذهب لكنه بقي بكل حجر قديم حمل ذكري , بكل نسيم سابح فوق قدح القهوه بالمساء , بزغب الفانيليا , و بعطر الفجر , بكل بصمه تُركت بكيان ما ..
يُقال أن الموت حتمي , و الميلاد سنه الحياه ..
و بينهما تحيا أرواح لا تملك من الدفء مأوي أو من البرد إنتماء ..
أرواح خُلقت لترحل , لكن ريحها باقيه بقاء الزمن ..
لا احزان خلف خط الشفق , فقط سكون و ظل هو ما يحمله التل ..

Sunday 31 August 2014

إحترق بالأزرق

لأشياء لم يعد لها مكان , تحدت الزمن و سارت .. 
لروح طفل لم يأتي بعد , سيري الكون و الكيان ..
 
إلي أين تتبخر الماء , ما الذي تراه السحب ؟ , أين تسقط الشهب ؟ , لِم نحيا فوق الأرض لا البحر و لِم يبدو البحر شديد العمق ؟ , أنغرق لو سقطنا أم تحملنا أمواجه إلي حيث لم ير بشر ؟ ..

تظل نغمات البيانو الشفافة عالقه بين المفاتيح و الغرفة الخاويه , لو كتب لها الامتلاء لأحترقت و احترقوا معها , تظل الروح سابحة بين جدران رمادية , تتلمس قدميها الأرض البارده ..

لوحات فارغه و مرآه مكسوره , لم تعد تري عبرها سوي الظلام , الأضواء بالخارج و الزمن يدور لكنه بالغرفه باقٍ , ليست مسرح فلا جمهور يري , لا حضور يسمع , و لا أرواح اخري ..
الأزرق لون التلال , البحر , السماء , لون الطاقة و الروح , و لون القمر ..

أتحيا بالأزرق أم هو يحييك ؟ 

أتضيؤك الزهور أم تفني بين أوراقها ,أتراقب الطيور أم خلفها تسبح .. هل ترقص داخل غرفه الظل , أم تنشد لحن مفقود ؟

بحثوا عن الدورادو .. ساروا خلف الذهب , لكن الذهب نار و الدورادو سر المحيط ..
احمل أحلامك و امضي عن الغرفه , فلا الشمس تشرق هنا و لا الليل يغيب , احمل احلامك و أرحل يا ابن البشر فالسر بقي و قد ذهب المحيط ..

Monday 11 August 2014

طيــف آخر







بأحد اروقه الزمن قبعت شمعة ظللها سوادها عن الأعين فلم يُر دخانها او يبزغ عطر لهبها ..


جوار الجدار الحجري بقت الشمعه تراقب الغادين و الرائحين , احاط بالجدار قصر حملت ابوابه لون العنب و اعمدته نقش لشياطين , اقمار , دوائر و زهور منمنمه ..


احبت انطفاء الوان الثياب الملكية لكنها لم تستسغ زركشتها , احبت رائحه الخبز بالأفران لكن الاقدام التي حملته كانت حافية , تجمعت حلقات الضاحكين و علت اصواتهم , مزامير الامراء كللت الحشد فكانت البسمات بحساب و الحركات يطوقها دخان الحرص ..


اصطف الفرسان جوار الملوك لا هذا مغادر ولا هذا منتبه , حفل قدم جنه الازدهار حيث كل شئ ممكن و المستتر مسموح , جنه الحرير و شذا اقنعه مذهبه , ما جحيم هذه الجنه ؟ تساءلت الشمعة لكن الإجابه غابت خلف الشراشف البيضاء و اللؤلؤ حول الأعناق ..



حين انتصف الليل تلاشي الحشد , ساد الصمت القاعات و عوضاً عن البشر الراقصين سكنت لوحات زيتيه فوق الجدران , الأرض الملونه اصبحت خاويه بارده و الستائر الشفافه حملتها الرياح فطفت عاجزه عن البقاء بموضعها او الإنفلات بعيداً ..


انتهت دقات منتصف الليل فسُمع همس بالقاعات , اتي حشد آخر فذابت اللوحات امام نوافذ زجاجية تداخلت بها الوان الكون و السماء , ظلت الجدران حول الزجاج حجرية لكنها تشبعت بنسيم خفي , ابتسم النسيم حين مر المجتمعين مسربلين برداء موحد , بساطته بساطه المقاعد البندقيه الرابضه فوق رخام الأرض الرمادي , و فخامته فخامه الملائكه متعانقه الأصابع بالسقف ..


بالقاعه اُنشدت تراتيل وارت بسمتها دمعة شوق , لم يكن الشوق رهن الأرض بل كان منحوتاً وسط الهائمين بالأعلي حيث السقف و الحلم بالسمو ..


حكت التراتيل عن جنه مفقوده ماؤها سلام و سماؤها فضه قمرية , احتضنت الجنه كل ثمره اضاعها البرد , كل شذا مفقود وجد بها مأوي ..


لم تفصح التراتيل عن مكان الجنه , و حين تساءلت الشمعة ظلت الإجابه بين ملائكه السقف و خواء الجدران , قريبه لكنها سابحه بعيداً بعد الأسرار ..


حين بزغ الفجر رحل رهبان القاعه و تلاشت التراتيل , لم يبقي سوي خشب تشبع بالقِدم , تماثيل رخامية الأعين و ضربات قلب منفلته تناقلتها الأطياف النائمه جوار الجدران ..


اعتاد القمر منح القاعه ازرق الليل و الوان الزجاج لكن التراب حل محل القمر و التراب عنوان الرحيل ..

ثم اشرقت الشمس , تساقطت الحجاره فلم يبق سوي ساحه احاطت بها اعمده ملساء , بالمنتصف نهضت شجرة جذرها قديم قدم الزمن , اخاديدها اخاديد بسمات العجائز , حولها حُفر حوض ابيض سُمع به خرير ماء قطر فيه ندي الصباح الصافي ..


ثم اتي القوم حاملين كنوزهم , نادوا أن هلموا فقد جلبنا لكم جنه الأسواق , جنه الحياة و ثمارها , اجتمع الناس بين مشتري و مجادل , ركض الأطفال و تنازع الرجال , حملت امرأه الفطائر إلي منزلها و خرجت طفله من بيتها تنشد للياسمين حديث التفتح بسلتها أن هل من مشتري ؟


جلس البعض حول جدول الماء و استظل آخرين بالشجرة , كان للصباح رائحة العشب , الماء , الحلوي الساخنه, و دخان الزهور , لونه ازرق كالبحر , مشرق كالتوت , واعد كالتفاح وغائم كخمار العذراوات ..


كانت جنه الأنفاس , الضحكات و الوعود , جنه ما يخرج من باطن الأرض و ما يسير فوقها لذا تسائلت الشمعة أتظل الجنه بعد المغيب ؟ , تشاغل القوم فلم يجيب مجيب عن السؤال ..


حين إقترب الغروب حمل كل متاعه و رحل , خوت الساحه و عصفت بها الرياح منذره بإقتراب الليل , اُنيرت المنازل بالجوار , ووُلد بها نشيد المساء امام نار المدفأه , عشاء و فراش , احضان دافئه و قبلات مختلسه , لا يملكون الكثير لكن السقف كان الغني و الهمسات المشتركه كانت الوطن ..


حملت بداية الليل جنه الإنتماء , راقبتها الشمعة لكنها لم تزرها , لم تنهض أو تبحث بل جوار الجدار ظلت ما قبل انتصاف الليل ..


سيأتي قوم آخرين و سيحملون جنه اخري , لم تعد الشمعه تتساءل من أين تأتي جنتهم و إلي أين تغيب , لم تعد تبحث عم تراه لأنها رأت ما كانت تبحث عنه منذ البدايه ..


 بأحد اروقه الزمن قبعت شمعة ظللها سوادها عن الأعين فلم يُر دخانها او يبزغ عطر لهبها , من حولها شُيدت الجنان , سبحت الحياه باحثه عن مرسي , كل آتي ورحل , حمل احلامه و مضي , و هنا هي بقت .

بأحد أروقه الزمان جوار جدارها الأسود , بقت الشمعة وراقبت جنتهم , لا احد يراها او ينتظر منها خبو أو اشتعال ..


بقت عالمه أن لا جنه تحمل لها الإنتماء و كل الجنان لها وطن ..

فهي وحدها هنا , خارج حدود الازمان و قيد المكان ..

Wednesday 6 August 2014

نــوستالجيــا




لأن لك عين تري البسمة الواهنه علي ثغر عجوز جلس يراقب صخب الأطفال حوال بائع الحلوي القطنية الهشه , تلك الحلوي التي يزعجك مذاقها لكن صافره البائع تثير فيك ذكري ماضي ضحكت به حقاً ..

أحد الأطفال يقف خائف من التقدم فتري العجوز وقد نهض , انتقي احد الأكياس و سلمها للصغير , حمل الطفل كنزه لكنه كان خائف و جري , رغم هذا ابتسم الرجل كما ابتسمت انت , و عاد ليجلس بين الأشجار مراقب ..

لأن لك انف تذوب داخلها رائحه دخان المقهي , شذا البخور المعروض للبيع فوق الأرصفه , نسيم البحر البارد و عطر مبانٍ قديمة هجرها سكانها أو آتي اجلهم , بقت الأبنيه مظلمه لكن الزمن توجها بوهجه ..


شئ ما برائحه القِدم يحيي بك السعاده , تألفها و تألفك , الأزمنه الغابره رأت تجوال روحك لذا بِك رحبت و لها انحنيت , رائحه الجدران و الأخشاب , و رائحه الأشجار الساهره , هذه وصمتك ..

لأن لك اذن تقرقع بها احجار الطاوله , تمنيت أن تتعلمها لكن الفرصه لم تسنح , إنهمك الخلق باللعب , بعضهم يضحك و الآخر يصيح غاضباً , كل منهم يحمل قصه و حياة , كل منهم هارب و لاجئ , أجراس الترام تطن جوارك فتلتفت , يمر كما لو كان حلم , يزور كل مكان و يتوقف بكل مكان لكنه مجرد من الوطن , يظل هذا الكائن الحديدي مسافر كما هو أنت .. لذا لن تتوقف يوماً عن عشقه ...

تتوقف امام أحد محال التحف , المنحوتات الفرعونيه القديمة , عظيمة هي , انيقة و خفية , تحمل ثمنها لكنك تخشي شراء احدها , لا يمكنك رؤيه أحدهم بمنزلك منفصل عن بقيه محتويات نافذه العرض , هذا المنفذ الزجاجي مكانه بين امثاله , لذلك تلقي التحيه و تذهب قاطع له وعد بالعوده , و يوم ما ستعود ..

أمام البحر تقف , تحمل صفحاته سواد السماء لوناً لكن ليس روحاً , تطعن الأمواج الصخور القريبه فتتناثر القطرات المالحه فوق جبينك , إن اغمضت عينيك ستغمرك الراحه لكنك تبقيها مفتوحه خائف مما بداخلك , سيريك البحر ما يدور بنفسك , سيريك الوحدة و الألم , سيريك دموع بكيتها بأحد الأيام حين إطمأننت أن لا احد يري , سيروي لك الحكاية كاملة , لكنه سيريك الحرية , سيحمل لك أمواج جابت شواطئ أخري و رأت أناس آخرين ..

سيدفعك لرؤيه انوار السُفن البعيده و قوارب الصيد الصغيره المتناثره , و سيبتسم قاطع لك وَعد أنك إن أبحرت يوماً ما سيحملك إلي حيث ترغب روحك بالرسو , سيظل حامل أسرارك و يظل لك ضوء , امام البحر ستبقي لأن لا مكان آخر يحمل حب البقاء و أمل الرحيل سواه ..

بعد أن تمضي الساعات ستمضي أنت ايضاً , لم يعد هناك صخب , فقط بقايا ضوء عكسته واجهات محال مغلقه , البشر راحلين إلي مأواهم , منهم حامل الحزن و الفرح , الراحه و الخطيئه , كلهم ذاهب فقد إنقضي الليل ..

رائحه القهوه و الدخان أصبحت أثير إنطفأ داخل نوافذ المباني المهجوره , بقايا الستار الممزق يتحرك عبر هذه النوافذ كالأشباح , لكنها تلقي لك سلاماً لا رعباً , تبتسم لك فتمنحها بسمة صغيره و تمضي , العجوز المراقب ذهب أيضاً , أغداً سيعود أم هذه ليلته الأخيره ؟ , لا تعلم و لا يعلم سواك ..


تشويش الإذاعه و صبي المقهي يحمل الكراسي إلي الداخل , هناك دائماً ساهر أخير , كوب شاي أخير و دندنه بفم ناعس , لن يطرده أحد فلا مكان له سوي الشارع , سيظل هنا بضع ساعات أخري ..

البرد جعل كل شئ ساكن , و الصمت حمل ذبذبات السكون إلي عقارب الساعات فتباطأت كي تمنحك قليلاُ من الوقت منفرداً حيث لا أحد يري ولا أحد يحكم أو ينتظر ..

الظلام و السكينة , البداية و النهاية , و الطريق الماضي عبر الزمن , احاديث لا يألفها سواك , لذا تظل أن طيف الأكوان و حاميها , و تظل أنت الروح الجوالة عبر حاجز الواقع ..


فتظل للأبد حـُر ..

Sunday 3 August 2014

شذا الأســود ..



 أيها الشيطان الساقط من علٍ، يا حامل لذة الخطيئة..
أكان ضوءًا هو ما نثره ظلام جناحيك؟ أم سواد الأسفلين؟

أيها الملاك الهائم، يا سيد النور ..
أمحوت ظل العاصي إلى جهنم، أم كفَّاك طمَسَ خطاياه عن أعين الغافلين؟

أيها السائر على أرض الفناء، يا ذائق الخير والشر...
 أعِطرُ البراءة نورُك، أم شذا الجحيم؟! 

Saturday 2 August 2014

طيــف حُلــم آخر


لم تكن النجوم هو ما تحمله السماء هذه الليلة بل قمر وحيد لا مرافق له سوي البرد , أبرقت السحب لكن المطر ظل بعيد عن السقوط , بقي مُعلق بالأعلي يأبي الهبوط إلي الأرض ..


إنبعثت موسيقي يحملها عازفي الشوارع أو تُبعث من المقاهي الدافءه علي جانبي الطريق , مازال الحجر القديم أسفل قدميهما مبلل إثر مطر سابق , المباني الشاهقه اطلت عليهما صامته و التماثيل الإغريقيه القديمة راقبت كما هي عادتها دوماً ..


كان يومها الاول بالمدينة كما هو يومه , لن يمكثا كثيرا , هي محض زياره خاطفه إلي مكان يحمل ذكريات مستقبل لم يأتي بعد و أمل زمن غابر , راقبت الأضواء الخافته في هدوء و سار جوارها يراقب الجهه الأخري , تقاربا لكن كتفيهما لم يتلامسا طوال فتره سيرهما , ظل طيف الرفقه حذراً ..


كانا يحملان ذات الأفكار و ذات النظره إلي ما هو ابعد من مدي البصر , رأي العابرين جوارهما تماثيل و شاهدا هما الاسطورة , نظر المُشاه إلي الأرض و راقب كليهما السماء , عكست الحجاره اطياف الأضواء حولهما فسمعها الضحكات و الصيحات , الحزن و الألم , السعاده و الإنتحار , ملايين الأصوات لعشرات من سكان المدينه , بعضهم حي و الأخر ميت أو يسعي للموت ..


شاهدا قصه بكل مكان و خلف كل زاوية , رغبات و كلمات أرواح اخري سجلتها ذاكرتهما لكنهما ظلا بمنأي عنها , الليله هما رفيقين فقط , تحدثا بروح لا لسان , لساعات ساد صمت الجسد و صخب الروح بينهما , فاليوم هو مَن إقترنت به فصار شيطان نفسها , و من إقترن بها فصارت قابضة روحه ..


ثم قررت هي الإنعطاف إلي حيث شعرت أن لا احد سار قبلهما , إلي ساحه حملت إطلاله البحر , ظلال الأبنيه , و ضوء القمر فقط , لا محال ولا ماره , لا احد سوي الصمت النائم جوار الجدار , تبعها لا تعلم أفهم ما رأت أم تبعها فضولاً فقط ..


رفعت عينيها نحو السماء , شمت رائحه المطر قبل أن يسقط فابتسمت , إلتفتت لتحدثه فرأت يده الممتده بصمت , لم كن الفضول هو ما حركه اذن بل هو الرؤيه  ..

دون تفكير تركت اصابعها البارده براحته و اقتربت , رقصا بصمت , حركهما النسيم و الموسيقي الآتيه من بعيد , ثم هطل المطر يتوج الجنون بألحانه الخاصه ..


خارج حدود الزمن و العقل يصبح كل شئ ممكن , القِدم صنع الجنون و الهدوء وُلد الصخب , من اللاشئ يأتي كل شئ فأجنحه الروح تنبت بعيداً عن التوقع , بعيداً عن القيود ,  رائحه البحر البعيد و القطرات المنهمره راقصت الحان القمر و الموسيقي كما راقصت الروح ظلها بالأسفل ..


ثم توقف المطر و توقفا فتفارقت الأيدي , لم يحتاج إلي الحديث و لم تكن هي تنتظر حديث , لم ترغب في الفهم و لم يحاول هو الإستفسار , ابتسما لطيف الحرية المرافق لهما , اومأ لها فحركت رأسها ايجاباً , ثم تابعا المسير في انتظار بزوغ فجر جديد و طيف حُلم اخر ..