لم تكن النجوم هو
ما تحمله السماء هذه الليلة بل قمر وحيد لا مرافق له سوي البرد , أبرقت السحب لكن
المطر ظل بعيد عن السقوط , بقي مُعلق بالأعلي يأبي الهبوط إلي الأرض ..
إنبعثت موسيقي
يحملها عازفي الشوارع أو تُبعث من المقاهي الدافءه علي جانبي الطريق , مازال الحجر
القديم أسفل قدميهما مبلل إثر مطر سابق , المباني الشاهقه اطلت عليهما صامته و
التماثيل الإغريقيه القديمة راقبت كما هي عادتها دوماً ..
كان يومها الاول
بالمدينة كما هو يومه , لن يمكثا كثيرا , هي محض زياره خاطفه إلي مكان يحمل ذكريات
مستقبل لم يأتي بعد و أمل زمن غابر , راقبت الأضواء الخافته في هدوء و سار جوارها
يراقب الجهه الأخري , تقاربا لكن كتفيهما لم يتلامسا طوال فتره سيرهما , ظل طيف
الرفقه حذراً ..
كانا يحملان ذات
الأفكار و ذات النظره إلي ما هو ابعد من مدي البصر , رأي العابرين جوارهما تماثيل
و شاهدا هما الاسطورة , نظر المُشاه إلي الأرض و راقب كليهما السماء , عكست الحجاره
اطياف الأضواء حولهما فسمعها الضحكات و الصيحات , الحزن و الألم , السعاده و
الإنتحار , ملايين الأصوات لعشرات من سكان المدينه , بعضهم حي و الأخر ميت أو يسعي
للموت ..
شاهدا قصه بكل مكان
و خلف كل زاوية , رغبات و كلمات أرواح اخري سجلتها ذاكرتهما لكنهما ظلا بمنأي عنها
, الليله هما رفيقين فقط , تحدثا بروح لا لسان , لساعات ساد صمت الجسد و صخب الروح
بينهما , فاليوم هو مَن إقترنت به فصار شيطان نفسها , و من إقترن بها فصارت قابضة
روحه ..
ثم قررت هي
الإنعطاف إلي حيث شعرت أن لا احد سار قبلهما , إلي ساحه حملت إطلاله البحر , ظلال
الأبنيه , و ضوء القمر فقط , لا محال ولا ماره , لا احد سوي الصمت النائم جوار
الجدار , تبعها لا تعلم أفهم ما رأت أم تبعها فضولاً فقط ..
رفعت عينيها نحو
السماء , شمت رائحه المطر قبل أن يسقط فابتسمت , إلتفتت لتحدثه فرأت يده الممتده
بصمت , لم كن الفضول هو ما حركه اذن بل هو الرؤيه ..
دون تفكير تركت
اصابعها البارده براحته و اقتربت , رقصا بصمت , حركهما النسيم و الموسيقي الآتيه
من بعيد , ثم هطل المطر يتوج الجنون بألحانه الخاصه ..
خارج حدود الزمن و
العقل يصبح كل شئ ممكن , القِدم صنع الجنون و الهدوء وُلد الصخب , من اللاشئ يأتي
كل شئ فأجنحه الروح تنبت بعيداً عن التوقع , بعيداً عن القيود , رائحه البحر البعيد و القطرات المنهمره راقصت
الحان القمر و الموسيقي كما راقصت الروح ظلها بالأسفل ..
ثم توقف المطر و
توقفا فتفارقت الأيدي , لم يحتاج إلي الحديث و لم تكن هي تنتظر حديث , لم ترغب في
الفهم و لم يحاول هو الإستفسار , ابتسما لطيف الحرية المرافق لهما , اومأ لها
فحركت رأسها ايجاباً , ثم تابعا المسير في انتظار بزوغ فجر جديد و طيف حُلم اخر ..
0 comments:
Post a Comment